أخنوش… التصريح المُكرر والفشل المتكرر: حكومة عاجزة في سباق الأوراش الملكية… تختبئ وراء الملك
في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن المغربي أفعالًا ملموسة من حكومة عزيز أخنوش، لا تزال التصريحات الرسمية تسبح في الفضاءات الإنشائية، منفصلة عن واقع اجتماعي يتردى باطّراد.
ففي أعقاب الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، خرج رئيس الحكومة ليعلن مرة أخرى أن “الحكومة معبّأة خلف جلالة الملك” من أجل “تنزيل وتفعيل الاستراتيجيات التنموية”، وكأنّ مشكل المغرب يكمن في انعدام النوايا لا في غياب الفعالية وسوء التنزيل.
لكن الحقيقة الملموسة على الأرض أن جل الأوراش الكبرى الناجحة التي يشيد بها المغاربة هي أوراش ملكية بامتياز، وضعت هندستها الاستراتيجية تحت الرعاية المباشرة للملك محمد السادس، دون أن تترك هامشًا واسعًا لحكومة أخنوش التي ظلت، منذ توليها المسؤولية، تلهث خلف الإيقاع الملكي دون أن تسايره أو تترجمه ميدانيًا بالجدية اللازمة.
يكفي أن نقارن ما تحقق في جوهر ملفات كبرى كالتغطية الصحية، والتحول الرقمي، وتمويل المقاولات، والبنيات التحتية الكبرى، دون رصد التعثر الحكومي لندرك أن مصدرها ليس دينامية حكومية، بل إرادة ملكية واضحة تتقدم بوعي الدولة حين تتقاعس أدوات الحكومة.
الملك، في خطابه الأخير، لم يخف انشغاله بما آل إليه الوضع الاجتماعي، بل أعاد التشديد على ضرورة جعل المواطن في قلب النموذج التنموي، موجّهًا رسائل واضحة لمن يهمهم الأمر بأن الورش الحقيقي ليس في الخطابة بل في الإنجاز، وأن شرعية الفعل السياسي تقاس بمدى الأثر على حياة الناس، لا بالتصفيق داخل القاعات أو عبر البلاغات.
أما حكومة أخنوش، التي استنزفت ثلاث سنوات من عمر الولاية، فلا تزال تصدر التصريحات ذاتها: “نحن معبّؤون”، “نحن نشتغل”، “نحن نواكب”، بينما يعيش المغاربة يوميًا معاناة حقيقية مع الغلاء، وشح التشغيل، وارتباك الإصلاحات الاجتماعية.
فهل ينتظر المغاربة خرجات أخنوشية أخرى ليأملوا في الفرج؟ أم ينتظرون من المسؤولين وعودًا جديدة تعيد إنتاج نفس العجز البنيوي؟لقد أصبح جليًا أن حكومة أخنوش، بما تملكه من أغلبية عددية وبرلمانية غير مسبوقة، فشلت في تحويل هذه القوة إلى مشروع إصلاحي جاد، ولم تنجح حتى في اللحاق بوتيرة الأوراش الملكية، فضلًا عن أن تبتكر أوراشًا خاصة بها تعبّر عن تصوّرها السياسي.
وحتى حين تُقدَّم بعض الإنجازات الجزئية، فإنها غالبًا ما تكون من تنفيذ الأجهزة الملكية أو مبادرات وزارية مرتبطة برؤية ملكية سابقة.لذلك، فإن خطاب العرش لم يكن فقط مناسبة للاحتفال، بل كان أيضًا مرآة صريحة تعكس مكامن الخلل وتُقوِّم المسار.
والخطير في الأمر، أن الحكومة الحالية لا يبدو أنها تملك الجرأة للاعتراف بضعفها، ولا الشجاعة الكافية لتصحيح اختلالاتها، مكتفية ببيانات تطمينية لا تصمد أمام واقع اجتماعي متأزم.إن من واجب النخب، ومن حق المواطنين، أن يطالبوا حكومة أخنوش بربط المسؤولية بالمحاسبة، ليس فقط أمام البرلمان، بل أمام التاريخ أيضًا، لأن ما فشلت فيه هذه الحكومة في ظرف استثنائي، سيتطلب سنوات لإصلاحه إن بقيت البلاد تسير بإيقاع واحد: الإيقاع الملكي فقط، دون سند حكومي فعّال.
Share this content:
إرسال التعليق