القطرة….حين تتحول فرحة المطر إلى خوف… قصة القرى الرحمانية مع المنازل الطينية

القطرة….حين تتحول فرحة المطر إلى خوف… قصة القرى الرحمانية مع المنازل الطينية

كريمة دهناني

في القرى الرحمانية، للمطر معنى خاص. هو بشارة الخير، ونسمة الحياة التي تُنعش الأرض العطشى وتُعيد البسمة إلى وجوه الفلاحين. ما إن تتساقط أولى القطرات حتى يخرج الناس إلى أفنية بيوتهم، يتأملون السماء بشوق قديم. فهنا، المطر ليس مجرد حالة جوية… إنه جزء من الذاكرة الجماعية والرزق اليومي.لكن داخل البيوت الطينية، تتغير الحكاية. فكل قطرة تسقط على السقف تحمل معها خوفاً خفيفاً، يُحاول السكان كتمانه. بين جدران تلك المنازل التي شُيِّدت بالتراب والتبن، يبدأ سباق غير معلن بين فرحة السماء وقلق الأرض. قطرات صغيرة تظهر في السقف، تتحول شيئاً فشيئاً إلى خيوط رفيعة من الماء تنزل مباشرة فوق فراش الأسرة أو وسط الغرفة، بينما يهرع السكان لوضع أوانٍ وقطع قماش لاحتواء الماء قبل أن يتسرب أكثر.تقول إحدى السيدات القرويات: “نفرح بالمطر، ولكن نخاف منه في نفس الوقت… نخاف أن ينهار جزء من السقف ونحن نائمون.”ويحكي شيخ مسن من صخور الرحامنة: “هذه المنازل ورثناها عن آبائنا… جميلة ودافئة، لكنها ضعيفة أمام الشتاء.”في الليالي الباردة، يزداد القلق. فالأمطار الغزيرة لا تمنح وقتاً للتفكير. صوت القطرات يتحول إلى إنذار مبكر، ينبه كل من في البيت أن السقف قد لا يصمد طويلاً. ورغم محاولات الترميم التقليدية بالطين والتبن وتغطية السقف بالخشب أو البلاستيك، تظل هذه الحلول مؤقتة، تنهار أمام قوة الطبيعة.المشكل لا يتعلق فقط بالبناء، بل بمعيش يومي يعيشه آلاف السكان في مناطق الرحامنة القروية. فهذه البيوت ليست مجرد جدران متشققة، إنها ملجأ أسر، وذاكرة أجيال، ومأوى لأطفال ينامون في حضن الخوف كلما سمعوا صوت المطر يقترب.اليوم، يحتاج سكان هذه المناطق إلى التفاتة حقيقية ليس فقط لوقاية منازلهم من الانهيار، بل لصون كرامتهم وحقهم في السكن اللائق. فالأمطار التي يحبونها، والتي يتفاءلون بها، لا يجب أن تبقى مصدر تهديد لحياتهم.إنها صرخة صامتة من قلب الرحامنة القروية…صرخة تقول: نريد أن نفرح بالمطر، دون أن نخاف منه.

Share this content:

إرسال التعليق

تسليط الضوء