جدل داخل المديرية الجهوية للضرائب بمراكش: بين اتهامات بـ”التمييز” وتأكيدات بـ”مسار إصلاحي ناجح”

جدل داخل المديرية الجهوية للضرائب بمراكش: بين اتهامات بـ”التمييز” وتأكيدات بـ”مسار إصلاحي ناجح”

مراكش: عبد اللطيف سحنون

تشهد المديرية الجهوية للضرائب بمراكش خلال الأيام الأخيرة جدلًا لافتًا بعد تداول تقارير صحفية وادعاءات تفيد بوجود “اختلالات” و”تمييز” في تدبير الملفات الضريبية، قابلها بلاغ صادر عن موظفي المديرية ينفي هذه المزاعم، معتبرًا إياها “حملة تشويه منظمة” تستهدف الإدارة والمدير الجهوي على خلفية ما وصفوه بـ”مسار إصلاحي فعلي”.

بدأت فصول هذه القضية بتقارير منشورة في عدد من المواقع، أشارت إلى ما اعتبرته احتقانًا داخليًا في صفوف بعض الموظفين، متهمة المدير الجهوي بـ”الغياب المتكرر” و”منح امتيازات ضريبية غير مفهومة لبعض المرتفقين” عبر “علاقات شخصية”، مما أثار حسب هذه التقارير شعورًا بـ”غياب العدالة الإدارية” في معالجة الملفات.

وذكرت هذه المصادر، دون إيراد أسماء أو وثائق رسمية، أن “بعض الملفات الضريبية تمت معالجتها بمرونة مفرطة، خارج مقتضيات القانون التنظيمي”، ما دفع البعض إلى التساؤل عن مدى احترام الضوابط المؤطرة لمجال الإعفاءات والتحصيل.

في المقابل، ردّ عدد من موظفي المديرية الجهوية للضرائب بمراكش، عبر بلاغ توضيحي وُجه إلى الرأي العام (نشر عبر موقعين)، على هذه الاتهامات بوصفها “حملة مغرضة تستهدف ضرب مؤسسة عمومية تعرف مسارًا تصحيحيًا حقيقيًا منذ قرابة سنتين”.

وأشار البلاغ ذاته إلى أن المدير الجهوي الحالي، ومنذ تعيينه، باشر حزمة من الإصلاحات الجوهرية، شملت التصدي للتهرب الضريبي وتحسين جودة الخدمات مع تنزيل رقمنة المساطر الإدارية وتقليص آجال دراسة الشكايات.

وفي الصدد نفسه أكد البلاع على كون المدير الجهوي قام بتنظيم الفضاءات الداخلية للموظفين والمرتفقين، ورفع من جودو الخدمات والشفافية في تدبير المرفق.

وأكد الموظفون أن المديرية حققت نسبة إنجاز فاقت %170 من الأهداف المبرمجة، ما خوّل لها مكانة متقدمة وطنيًا في أداء الإدارات الجبائية الجهوية.
واعتبروا أن ما يجري حاليًا هو “صراع مكشوف بين منطق الإصلاح ومنطق الامتيازات الفاسدة”، مؤكدين دعمهم اللامشروط لمديرهم الجهوي، وناشدوا وزارة الاقتصاد والمالية بـ”حمايته من حملات التشويه الممنهجة”.

من جهتها، أصدرت نقابة المالية التابعة لمركزية مخارق بيانًا أكدت فيه أن “الإعفاءات والتخفيضات الجبائية لا تتم إلا في إطار من الضوابط القانونية والمعلوماتية الدقيقة، ولا مجال فيها للاجتهاد الفردي أو التمييز”،

مشيرة إلى أن “المدير الجهوي يمارس مهامه بشكل قانوني ومسؤول، وأن المساطر مؤطرة بأنظمة مراقبة أوتوماتيكية”.
وأكد البيان النقابي أن الهجوم الذي تتعرض له المديرية “لا يخلو من خلفيات انتقامية، من جهات تضررت من تشديد الرقابة ومحاربة التلاعبات”، معتبرًا أن ما يتم تداوله لا يتعدى “محاولة لزعزعة الاستقرار الإداري”.

رغم تصاعد الجدل، لم تصدر وزارة الاقتصاد والمالية ولا المديرية العامة للضرائب، حتى لحظة كتابة هذا المقال، أي بلاغ رسمي توضيحي بشأن ما نُشر من اتهامات أو ردود، ما يترك المجال مفتوحًا أمام التأويلات، ويُغذي الغموض حول ما يجري داخل المؤسسة الجبائية بمراكش.

ويرى متتبعون أنه عند معطيات تفكيك أطراف هذا النزاع، يتبين أن الاتهامات تعتمد على مصادر غير مسمّاة، دون وثائق رسمية أو شكايات مؤطرة قانونيًا، في المقابل، الرد المؤسسي من الموظفين والنقابة موثق في بلاغات منشورة وموقّعة، تدافع عن حصيلة إصلاحية مدعّمة بأرقام (170% من الأهداف) مسجلين غياب رد رسمي مركزي من الوزارة، مما يعزز الحاجة إلى تحقيق داخلي أو مراقبة محايدة تفصل في الادعاءات المطروحة، ضمانًا للشفافية والمساءلة.

يبدو أن ما يحدث داخل المديرية الجهوية للضرائب بمراكش ليس مجرد جدل عابر، بل قد يعكس توترًا حقيقيًا بين مقاربة إصلاحية تؤمن بالنجاعة والمسؤولية، ومقاومة داخلية أو خارجية تغيظها الرقابة والشفافية.
وفي انتظار تحقيق رسمي يقطع الشك باليقين، تبقى المؤسسات مطالبة بتوضيح موقفها للرأي العام، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمرفق حيوي له صلة مباشرة بثقة المواطنين في الإدارة الجبائية.

Share this content:

إرسال التعليق