ضربة موجهة لوزير العدل وهبي: المحكمة الدستورية تصدر قرارات تاريخية
هيئة التحرير/عبد اللطيف سحنون
في قرار اعتبره مراقبون اختبارًا حقيقيًا لرقابة المحكمة الدستورية على جودة التشريع وضمان المحاكمة العادلة، أسقطت المحكمة الدستورية عددًا من المقتضيات الأساسية الواردة في مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 23.02، الذي أحاله رئيس مجلس النواب قبل إصدار الأمر بتنفيذه.
القرار، الصادر بتاريخ 6 غشت 2025، يؤكد أن الإحالة استوفت الشروط المنصوص عليها في الفصل 132 من الدستور، غير أنّ عدّة مواد من المشروع خالفت مبادئ دستورية جوهرية تمسّ الأمن القضائي واستقلال السلطة القضائية وحقوق الدفاع.
مواد تمس الأمن القضائي وحقوق الدفاع
أشارت المحكمة إلى أن المادة 17 (الفقرة الأولى) منحت للنيابة العامة صلاحية طلب بطلان مقررات قضائية نهائية بدعوى مخالفة النظام العام، دون تحديد دقيق للضوابط أو الحالات المسموح بها، وهو ما يشكّل خطرًا على مبدأ استقرار الأحكام القضائية.كما اعتبرت أن المادة 84 (الفقرة الرابعة)، التي تسمح بالتبليغ القضائي بناء على تصريحات أو تخمينات غير محققة، تشكّل تهديدًا مباشرًا لـ حقوق الدفاع والأمن القانوني، لأن صحة التبليغ هي أساس صحة المسطرة برمتها.
أما المادة 90 (الفقرة الأخيرة) فقد تعرّضت للانتقاد لعدم التنصيص على ضمانات الحضور عن بعد في الجلسات القضائية، سواء تعلق الأمر بموافقة صريحة للأطراف، أو بحماية المعطيات والتواصل الآمن، وهو ما يتعارض مع تطور العدالة الرقمية المنصوص عليه في الدستور.
إخلال بمبدأ فصل السلط
القرار الدستوري أشار إلى أن المواد 107 و364 حرمت الأطراف من التعقيب على مستنتجات المفوض الملكي، ما يشكّل إخلالًا صريحًا بـ مبدأ التواجهية وتكافؤ وسائل الدفاع المعتمد في القانون الدولي والمغربي على حد سواء.
كما اعتبرت المحكمة أنّ المواد 408 و410، التي خوّلت لوزير العدل صلاحية تقديم طلبات ذات طابع قضائي، تمس بمبدأ استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور.
وفي السياق نفسه، انتقدت المحكمة إسناد تدبير النظام المعلوماتي القضائي إلى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في المادتين 624 و628، معتبرة أن هذا المجال من الاختصاص الحصري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
إشكالات تقنية وضعف في الصياغة
لم يقتصر قرار المحكمة على الجوانب المبدئية، بل لفت إلى إشكالات تقنية، من أبرزها إحالة خاطئة في المادة 288 لمقتضى قانوني لا علاقة له بالموضوع، بما يهدد وضوح النص، وقصر التعليل في المادة 339 (الفقرة الثانية) على حالة رفض طلب التجريح فقط، مخالفًا لمبدأ التعليل المطلق للأحكام كضمانة أساسية للأمن القضائي.
وفي السياق شمل القرار مواد أخرى مرتبطة بالمقتضيات غير الدستورية مثل المواد 97، 101، و229.
رسالة دستورية صريحة للمشرع
بهذا القرار، وجّهت المحكمة الدستورية رسالة قوية إلى وهبي مفادها أنّ أي مساس بمبادئ بفصل السلط و الأمن القضائي والأمن القانوني وضمان تكفافؤ وسائل الدفاع والمحاكمة العادلة.
يشكل القرار دعوة لإعادة صياغة مشروع القانون بما ينسجم مع مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011، خصوصًا ما يتعلق بـ استقلال القضاء والعدالة الرقمية وحقوق المتقاضين وضربة موجعة للوزير وهبي، في انتظار أن تسقط المحكمة الدستورية ” يمينه” الشهير تحت قبة البرلمان.
Share this content:
إرسال التعليق