عبارة” تعليمات عليا بلا توقيع” تُقلق الفيدرالية المغربية لجمعيات الدفاع عن حقوق المستهلك
مراكش: عبد اللطيف سحنون
في مغرب يُفترض فيه أن دستور 2011 رفع منسوب الحقوق وربط المسؤولية بالمحاسبة، بدأت تطفو على السطح ظاهرة مقلقة: مؤسسات عمومية تتجاوز القوانين تحت ذريعة “التعليمات العليا”.
هذه الظاهرة، التي رصدتها الفيدرالية المغربية لجمعيات الدفاع عن حقوق المستهلك، أصبحت – بحسب تعبيرها – شكلًا من أشكال الشطط الإداري الذي يضع المواطن، والمستهلك تحديدًا، أمام قرارات غير قانونية، ولا يُعرف من يقف خلفها.
تعليمات بلا توقيع… والمواطن يدفع الثمن في بلاغ شديد اللهجة، أكدت الفيدرالية المغربية لجمعيات الدفاع عن حقوق المستهلك أنها توصلت بسيل من الشكايات من مستهلكين تفاجؤوا بقرارات لا تستند إلى أي نص قانوني.
وعندما طالبوا بتفسير أو تعليل، جاؤهم الجواب على شكل عبارة واحدة تتكرر في أكثر من مرفق إداري: “جانا أمر من الفوق! “تقول الفيدرالية إن هذا “الفوق” الغامض صار يُعلّق فوق الدستور، ويُستخدم كمبرر جاهز لتجاوز الضوابط القانونية، وكأننا أمام إدارة تشتغل بتعليمات شفوية، لا بمقتضيات قانونية مكتوبة.
إدارة بلا قانون… أم دولة بلا رقابة؟وصف البيان هذه الممارسات بأنها انزياح خطير عن دولة الحق، حيث تُختزل الإدارة في وظيفة التنفيذ الأعمى، بينما يُجرَّد المواطن من حقه الطبيعي في الفهم والاحتجاج.
وأضافت الفيدرالية أن الخضوع غير المشروط لتعليمات لا يُعلن مصدرها ولا تُخضع لأي رقابة، يُحوّل المرفق العمومي من خدمة إلى سلطة، ويُغذي الشعور بالغبن والتهميش لدى المواطن.”لسنا ضد الانضباط الإداري، لكننا ضد أن يتحول الموظف إلى منفّذ لتوجيهات قد تكون غير دستورية، دون مساءلة أو شفافية“، يقول مصدر من داخل الفيدرالية في تصريح للجريدة.
مشيرًا إلى أن هذه “التعليمات” صارت بمثابة سلطة موازية تُمارَس في الظل، خارج النصوص وداخل الإدارات.مطالب بالتحقيق والمحاسبةوفي الصدد نفسه دعت الفيدرالية في بلاغها إلى تفعيل آلية التحقيق الجدي في مصدر ما يُسمى التعليمات العليا التي تتجاوز القانون ومساءلة المسؤولين عن إصدار أو تنفيذ أي قرار خارج إطار النصوص التنظيمية.
وفي هذا الصدد أكدت على ضرورة التكوين المستمر لموظفي الإدارة حول المقتضيات الدستورية ومرجعيات العمل العمومي مع تفعيل آليات التظلم والإنصاف الإداري، وتمكين المواطنين من الدفاع عن حقوقهم دون خوف أو تهميش.
بين الخطاب والممارسة المفارقة الصارخة، كما تراها الفيدرالية، هي أن هذه الممارسات تأتي في سياق وطني يُروّج فيه لخطابات تحديث الإدارة، وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة، وترسيخ قواعد الحكامة.
لكن الواقع، بحسب الفيدرالية، يُظهر أن العديد من الإدارات ما زالت تشتغل بعقلية التعليمات، وليس بثقافة القانون.المستهلك ليس الحلقة الأضعف
و تختم الفيدرالية موقفها بالتأكيد على أن الدفاع عن حقوق المستهلك لم يعد يقتصر على الأسعار والجودة، بل امتد اليوم إلى حق المواطن في معاملة قانونية شفافة، وخضوع الإدارة نفسها للمساءلة.وفي رسالة مباشرة للمسؤولين، كتبت: “في دولة القانون، لا أحد فوق الدستور..ومن يخالفه، لا يُمكنه أن يُبرّر قراراته بـعبارة: هكذا جائنا من الفوق.”
Share this content:
إرسال التعليق