فؤاد عالي الهمة ،بين النقد المشروع وحملات التشويه: حين تصبح الأسماء الوازنة هدفاً للتجييش الإعلامي
كريمة دهناني
تعرف الساحة الإعلامية هذه الأيام موجة متصاعدة من الهجمات التي تطال أسماء وازنة داخل مؤسسات الدولة المغربية، في مشهد يعكس تحوّل بعض المنابر والمنصات الرقمية من فضاءات للنقاش المسؤول إلى أدوات لترويج التأويلات المغرضة وبث الأحكام المسبقة.
وفي قلب هذه العاصفة الإعلامية، برز اسم السيد فؤاد عالي الهمة هدفاً لحملات منظمة، حاولت، عبر مجموعة من المواقع ذات الخطاب العدائي، النيل من سمعته والتشويش على موقعه كمستشار ملكي، مستعملة في ذلك أساليب التهويل وتزييف الوقائع وتجييش الرأي العام.والمتتبع لمسار السيد فؤاد عالي الهمة، سواء في تجربته داخل الإدارة أو في حياته السياسية، يدرك أن حضوره في مواقع المسؤولية لم يكن يوماً مطية لتحقيق مكاسب شخصية أو لبناء إمبراطورية من النفوذ، بل كان، على العكس من ذلك، مقروناً بثقافة الانضباط واحترام المؤسسات وتحمل الواجب الوطني بكل تجرد. فخلال سنوات من الخدمة العمومية، لم تُسجَّل عليه – وفق ما هو متداول ومعروف لدى الرأي العام – قضايا فساد أو استغلال للنفوذ، في وقت تورط فيه آخرون، أقل مسؤولية وتأثيراً، في ملفات مثيرة للجدل.لقد اختار الرجل، منذ بداياته، أن يشتغل في صمت، بعيداً عن الأضواء والصراعات الهامشية، سواء في تجربته الحكومية أو خلال مساهمته في تأسيس حزب سياسي. ورغم كل ما قيل ويقال، فإن الواقع الانتخابي أثبت أن ذلك الحزب لم يهيمن على المشهد ولم يُفرض بالقوة، وهو ما يفند الروايات التي سعت إلى تصوير الأمر وكأنه نتيجة لتدخل أو توظيف لموقعه داخل دواليب الدولة.إن استهداف فؤاد عالي الهمة اليوم لا يمكن فصله عن سياق أوسع، يتم فيه استهداف رموز ومؤسسات الدولة كلما اشتدت التحولات وكبرت التحديات. فخصوم المغرب، في الداخل كما في الخارج، يدركون أن ضرب الثقة في الأسماء الوازنة هو مدخل لزعزعة الاستقرار وبث الشك في المسارات الوطنية الكبرى، لذلك لا يترددون في إطلاق حملات ممنهجة، يكون هدفها التشويش وليس النقد البناء.إن الدفاع عن الحقيقة في مثل هذه اللحظات ليس دفاعاً عن أشخاص بقدر ما هو دفاع عن مبدأ الإنصاف، وعن قيمة الاستقرار، وعن مصداقية المؤسسات. وهو أيضاً مسؤولية أخلاقية ووطنية تقع على عاتق كل من يؤمن بأن مصلحة الوطن تعلو على كل اعتبار، وأن النيل من سمعة من خدموا بلدهم بتفانٍ لا يخدم سوى أجندات مظلمة لا علاقة لها بمصلحة المواطن.إن المرحلة التي يعيشها المغرب اليوم، في أفق ما بعد 31 أكتوبر، تفرض وعياً جماعياً واستحضاراً عميقاً للرؤية الملكية التي جعلت من شعار “من التدبير إلى التغيير” عنواناً لمرحلة جديدة، لن تنجح إلا بالتفاف صادق حول مؤسسات الدولة، وبالتصدي لكل محاولات التشويه والتشكيك، وبالتمييز الواضح بين النقد الإعلامي الموضوعي، الذي يشكل ركيزة لأي ديمقراطية صحية، وبين حملات التضليل التي لا همّ لها إلا الاصطياد في الماء العكر.ففي نهاية المطاف، لا تحمى الأوطان بالصمت أمام البهتان، بل بالدفاع عن الحقيقة، وإعلاء صوت الحكمة، وترسيخ ثقافة التقدير لكل من اختار أن يخدم وطنه في صمت ومسؤولية.
Share this content:
إرسال التعليق