قلعة السراغنة: عمال النظافة بلا أجور منذ أربعة أشهر… والأزبال تملأ المدينة بينما تُستعرض العضلات في اجتماعات بلا أثر
كريمة دهناني
تعيش مدينة قلعة السراغنة على وقع وضع مقلق ينذر بتداعيات بيئية وصحية واجتماعية خطيرة، بعد أن وجد عمال النظافة أنفسهم محرومين من أجورهم لمدة أربعة أشهر كاملة، في مشهد يعكس بوضوح اختلالاً عميقاً في تدبير قطاع حيوي يمس كرامة الإنسان وصحة الساكنة في آن واحد.
عمال النظافة، الذين يشكلون خط الدفاع الأول ضد التلوث وانتشار الأمراض، باتوا اليوم ضحايا صمت وتجاهل غير مبرر، حيث يواصلون أداء مهامهم في ظروف قاسية، دون مقابل يضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم. كيف يُعقل أن يُترك هؤلاء لمواجهة الغلاء ومصاريف الحياة اليومية دون أجور، بينما تُعقد الاجتماعات وتُطلق التصريحات الرنانة التي لا تتجاوز حدود “استعراض العضلات” في قاعات مكيفة؟
في شوارع وأحياء المدينة، تتكدس الأزبال وتتحول إلى بؤر للتلوث، تنبعث منها روائح كريهة وتزحف منها الحشرات والقوارض، في مشهد يسيء لصورة المدينة ويهدد صحة الأطفال وكبار السن والمرضى. ومع ذلك، يبدو أن المسؤولين المعنيين يفضلون الاكتفاء بلغة البيانات والاجتماعات الشكلية، عوض النزول إلى الميدان واتخاذ قرارات حازمة تعيد الاعتبار لهؤلاء العمال وللمرفق العمومي.
إن ما يحدث اليوم في قلعة السراغنة ليس مجرد تأخر في صرف الأجور، بل هو ضرب لكرامة فئة اجتماعية هشة، واستهتار بحقوقها التي يكفلها الدستور والقانون. فالعامل الذي يكنس الشارع قبل طلوع الشمس يستحق الاحترام والتقدير، لا الإقصاء والتهميش والمماطلة.
أمام هذا الوضع، تتعالى أصوات الساكنة مطالبة بتدخل عاجل من الجهات الوصية لوضع حد لهذا العبث، وتسوية الوضعية المالية لعمال النظافة دون مزيد من التأخير، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بدل الاكتفاء بخطابات فارغة لا تطعم خبزاً ولا تنظف شارعا.
فإلى متى يستمر هذا الصمت؟ وإلى متى تبقى قلعة السراغنة رهينة للتدبير المرتجل والاجتماعات التي لا تنتج سوى مزيد من الأزبال ومزيد من المعاناة؟
إن كرامة عمال النظافة من كرامة المدينة، واحترامهم هو أول خطوة نحو مدينة نظيفة، إنسانية، تستحق الحياة.
Share this content:


إرسال التعليق