مراكش: السلطة المحلية والأمن ينقذان مسجدا جامعيا من أنياب الجرافات، وأصابع خفية وراء الواقعة

مراكش: السلطة المحلية والأمن ينقذان مسجدا جامعيا من أنياب الجرافات، وأصابع خفية وراء الواقعة

مراكش: عبد اللطيف سحنون

في صباح باكر من يوم الأحد، وبينما كانت مراكش ما تزال تغط في هدوء عطلة نهاية الأسبوع، دوى هدير الجرافات في قلب الحرم الجامعي لجامعة القاضي عياض. لم يكن الأمر أشغالاً إصلاحية، ولا مشروعاً جديداً. بل عملية هدم مفاجئة لمسجد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجزء من جدار المركب الرياضي، نفذتها شركة عقارية دون سابق إنذار.

شهود عيان من الطلبة والأطر الإدارية رووا كيف فوجئوا باقتحام أربع آليات ثقيلة محيط الكلية، وانطلاق عملية الهدم بسرعة لافتة، في غياب أي إشعار أو تنسيق مع إدارة الجامعة. المسجد، الذي بُني قبل سنوات بتمويل وإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لم يسلم من الجرافات، رغم أنه يشكل فضاءً للعبادة ومعلماً روحياً للجامعة.القانون في كفة..

والجرافات في الكفة الأخرىخبراء قانونيون أوضحوا أن ما حدث يمثل خرقًا فجًا لعدد من النصوص القانونية، أبرزها:الفصل 570 من القانون الجنائي الذي يجرّم الترامي على عقارات الدولة وأثاروا المادة 65 من القانون 12-90 للتعمير التي تمنع أي بناء أو هدم دون ترخيص إداري والمادة 7 من القانون 00-01 للتعليم العالي التي تحمي حرمة المؤسسات الجامعية.

تجاهل هذه النصوص يعكس، وفق المتابعين، شعورًا بالحصانة لدى منفذي العملية، أو وجود غطاء غير معلن يسندهم.السلطات تتحركالسلطة المحلية بالحي المحمدي والمصالح الأمنية بمراكش تدخلتا بسرعة، وأوقفت عملية الهدم، وفرضت مراقبة على محيط الكلية، في انتظار فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات.

مصدر مسؤول بجامعة القاضي عياض أكد أن الإدارة لم تتوصل بأي حكم قضائي أو أمر إداري يجيز العملية، وأن ما جرى “تعدٍ سافر على الملك العمومي وحرمة مسجد يخضع لإشراف مؤسسة رسمية تحت التوجيهات السامية لجلالة الملك”.خلفيات اقتصادية مشبوهة؟مصادر من داخل الوسط الجامعي أشارت إلى أن موقع الكلية ومساحاتها الواسعة لطالما كانت محل أطماع عقارية، خاصة في ظل التوسع العمراني المتسارع بمراكش.

التحركات الصامتة لبعض المستثمرين، والضغوط التي مورست في الكواليس، تدفع للتساؤل عما إذا كان هذا الهدم مقدمةً لصفقة عقارية كبرى تستهدف جزءًا من الحرم الجامعي.غضب مجتمعي ودعوات للمحاسبة الواقعة أشعلت موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر أساتذة وطلبة ونشطاء مدنيون عن استنكارهم الشديد، واعتبروا ما حدث “سابقة خطيرة” تمس قدسية المسجد وحرمة الجامعة.

المطالب اليوم تتجه نحو تحقيق قضائي شفاف، يكشف من أعطى الضوء الأخضر للشركة، ويحدد المسؤولين عن إدخال الآليات الثقيلة إلى الحرم في وضح النهار—أو بالأحرى، في ظلام الفجر.

أسئلة بلا إجابات حتى لحظة إعداد هذا التحقيق، ما زالت الأسئلة الكبرى معلّقة من يقف فعلاً وراء هذا الاقتحام الجريء؟ فهل هناك شبكة مصالح عقارية تتجاوز الأطر القانونية؟ وكيف ستضمن الدولة عدم تكرار مثل هذا الانتهاك؟ ما حدث في الحي المحمدي ليس مجرد حادثة محلية عابرة، بل جرس إنذار حول هشاشة حماية المرافق العمومية والدينية أمام طموحات اقتصادية قد لا تعرف حدودا

Share this content:

إرسال التعليق

تسليط الضوء