مراكش تغرق في الأزبال ووالي الجهة بالنيابة يعلن حالة استنفار صارمة
مراكش: عبد اللطيف سحنون
تعيش مدينة مراكش منذ أشهر على وقع أزمة بيئية خانقة، لم تعد خافية على سكانها وزوارها، حيث تغزو الأزبال مختلف الأحياء، بما في ذلك المناطق المصنفة راقية. الروائح الكريهة، وتكدّس النفايات، وانتشار النقط السوداء، أضحت مشاهد يومية تُثير القلق والغضب، في ظل صمت رسمي يثير التساؤلات.
وبينما تُسجل تقارير محلية تزايد مظاهر التلوث والإهمال، برزت إلى الواجهة معضلات مقلقة، مثل تفشي الصراصير والفئران التي غزت البيوت والمرافق التجارية، وتحول الكلاب والقطط الضالة إلى مشهد يومي ينذر بمخاطر صحية وأمنية.
في المقابل، تواصل شركات التدبير المفوض فشلها في احتواء الأزمة، فيما يغرق المطرح البلدي في العفن، وتزداد الهوة بين جمالية المدينة وواقعها البيئي المتردي.
في هذا السياق، فجّر والي جهة مراكش آسفي بالنيابة موجة من النقاش، إثر تحركه المفاجئ بعقد اجتماع طارئ صباح الإثنين، عقب زيارة ميدانية وصفت بـ”الصارمة”.
وأفادت مصادر قريبة منه أن ما عاينه من تردٍّ بيئي أغضبه بشدة، ودفعه إلى مساءلة مسؤولي المدينة بلهجة حادة، متحدثاً عن “تقاعس غير مقبول” وتقصير يستوجب المحاسبة.
الاجتماع، الذي وصف بأنه “حاسم”، حضره الكاتب العام للولاية، ونائبة رئيس المجلس الجماعي المكلفة بالنظافة، وممثل عن شركة التدبير المفوض بمنطقة المنارة. وقد تركز النقاش حول خلاصات الزيارة المفاجئة التي شملت المقاطعات الخمس، وأسفرت عن تشخيص دقيق لحجم الاختلالات البيئية والخدماتية.
وأكد الوالي بالنيابة، وفق نفس المصادر، على أن ربط المسؤولية بالمحاسبة ليس شعاراً، بل التزام مؤسساتي لا يقبل المساومة.
وقد أثار هذا التحرك الرسمي ارتياحاً واسعاً في أوساط المتتبعين للشأن المحلي، الذين رأوا فيه بداية لتحمّل فعلي للمسؤولية، بعد أشهر من الصمت المريب. واعتبر فاعلون مدنيون أن الأزمة لم تعد تقبل الحلول الترقيعية، بل تتطلب إعلان “حالة طوارئ بيئية”، ومراجعة جذرية لعقود التدبير المفوض، التي توصف بالغامضة، والتي تلتهم ميزانيات ضخمة دون أثر ملموس على الأرض.
وفي الوقت الذي تغيب فيه المؤشرات الحقيقية لتقييم الأداء، وتلتزم المجالس المنتخبة الصمت أو موقف المتفرج، طالب نشطاء بيئيون بوضع حد لما وصفوه بـ”التواطؤ أو العجز”، مؤكدين أن المدينة بحاجة إلى رؤية بيئية شاملة، وخطط ميدانية دائمة، لا إلى حملات مناسباتية سرعان ما تنطفئ.وفي تصريحات متطابقة، دعا عدد من الفاعلين في قطاع السياحة إلى إنقاذ المدينة من مصير بيئي مظلم، مشيرين إلى أن صورة مراكش كوجهة عالمية لا يمكن أن تستمر في ظل هذا الإهمال، معتبرين أن المدينة تستحق أكثر من مجرد حملات عابرة أو غضب لحظي، بل تتطلب إرادة سياسية صلبة ومؤسسات تشتغل بمنطق التتبع والمحاسبة والشفافية.
وفي حديث لجريدة “اصوات كم”، شدّد فاعل مدني على أن “الساكنة لم تعد تتحمل مزيدًا من الاجتماعات الفارغة”، داعياً إلى إطلاق برامج رش وتطهير دورية، وتأهيل الفضاءات الخضراء، مع إشراك المواطنين في الرقابة، باعتبارهم طرفًا رئيسيًا في معادلة البيئة والتنمية.
وفي انتظار خطوات عملية تترجم هذه “الغضبة” إلى سياسة واضحة، يبقى أمل السكان معلقاً على قدرة المؤسسات على التحرر من منطق الصفقات والمصالح الضيقة، والوفاء لروح الدستور الذي يضمن الحق في بيئة سليمة.
Share this content:
إرسال التعليق