مقتل صحافيي الجزيرة في غزة: جبن قطر ووساطتها المشبوهة بين السياسة والإنسانية
المغرب/مراكش :عبد اللطيف سحنون
في قلب مأساة غزة التي تتواصل معاناة أهلها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي الوحشي، برزت حادثة مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة في قصف استهدف خيمتهم قرب مجمع الشفاء الطبي، كاشفة عن تداعيات لا تقتصر على فقدان أرواح أبرياء بل تتجاوزها لتفضح هشاشة الوساطة القطرية التي تراها العالم حلقة ضعيفة في خيط السياسة الإقليمية المعقدة.
من الناحية السياسية، يظهر موقف قطر مزيجا من الخوف والحرص على الحفاظ على علاقات متشابكة مع أطراف إقليمية ودولية، مما يجعل وساطتها تبدو محصورة في مجرد تسويات شكلية لا تأخذ في الاعتبار حقوق الفلسطينيين المشروعة ولا تحفظ دماء أبنائهم، سواء كانوا مدنيين أو صحافيين أو حتى مقاومين.
هذه الوساطة التي يُروج لها كصمام أمان للسلام، لا تعدو أن تكون جسرًا هشًا لتبرير استمرار الاحتلال وجرائمه، وخاصة في ظل استهداف إعلاميين ينقلون الحقيقة للعالم.
فإذا كانت قطر عاجزة عن ضمان سلامة.صحافيي قناة الجزيرة فزاعتها الدبلوماسية، بل وتبث مرارا هشاشة موقفها اتجاه قتل صحافيي الجزيرة على يد آلة القتل الإسرائيلية، وإذا كانت إسرائيل تستهدف صحافيي الجزيرة ومكاتبها أكثر من مرة ولا تضع أي اعتبار لقطر الوسيط، فكيف لها أن تلعب دور الوساطة لحماية أهل غزة؟
حان الوقت لنتساءل عن دور قطر الحقيقي، وعن استثمارها لعلاقاتها مع قيادات إسلامية وتحول الدوحة إلى حاضنة لهم، ثم التخلي عنهم كلما رفضوا إملاءاتها وفق هوى إسرائيل وأمريكا؟من منظور حقوقي، إن مقتل صحافيين كانوا يمارسون واجبهم المهني في تغطية الأحداث من قلب الميدان يشكل جريمة حرب واضحة بموجب القانون الدولي، وتنصل قطر من اتخاذ موقف صارم وحاسم في مواجهة هذا الانتهاك الخطير يعد تناقضًا مع دورها المعلن في الدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الحريات الإعلامية.
المغرب في المرتبة 100 التردد القطري في الضغط على إسرائيل لإيقاف هذه الانتهاكات يفضح تواطؤًا غير مباشر، يفتح المجال لاستمرار استهداف كل من يجرؤ على توثيق الظلم.
إن الجانب الإنساني هو الأكثر وجعًا في هذه الحادثة؛ حيث تزهق أرواح أربعة صحافيين كانوا يحملون على عاتقهم رسالة إنسانية سامية: نقل معاناة شعب محاصر يعاني من الحصار والدمار. إن استهدافهم يعني استهداف حرية التعبير والحق في معرفة الحقيقة، وهو أمر لا يجوز القبول به أو تجاهله تحت أي ذريعة سياسية أو اقتصادية.
دور قطر، بدلاً من أن يكون داعمًا وواقيًا، يتحول إلى وصمة جبن في سجلها الإقليمي، خاصة في ظل ما يفرضه عليها موقعها من مسؤولية أخلاقية وإنسانية.
على قطر أن تعيد النظر في سياستها، وتتحول من وسيط شكلي خائف إلى مدافع حقيقي عن حقوق الإنسان والعدالة، وأن ترفع صوتها عاليًا ضد الاحتلال وسياسة القتل التي تستهدف المدنيين والإعلاميين، وأن تضع حدًا لوساطتها المشبوهة التي تخدم مصالح ضيقة على حساب دماء الأبرياء
Share this content:
إرسال التعليق