وهج البيعة في مراكش: العرش في القلب والذاكرة

وهج البيعة في مراكش: العرش في القلب والذاكرة

مراكش: عبد اللطيف سحنون

لم تكن مراكش صباح هذا الأربعاء مدينة كباقي الأيام. كانت مدينة تستنطق رمزها، وتعيد ترتيل البيعة كقسمٍ يخرج من شوارعها وأزقتها وساحاتها نحو العرش، في الذكرى السادسة والعشرين لتولّي جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم.

في ساحة مقر الولاية، وعلى إيقاع النشيد الوطني الذي صدح في الهواء المغربي البكر، ترأس السيد رشيد بنشيخي، والي جهة مراكش-آسفي بالنيابة، مراسيم تحية العلم الوطني، بحضور وجوه من كل مسارات السلطة والإدارة والسياسة والأمن والمجتمع المدني.IMG-20250730-WA0255-1 وهج البيعة في مراكش: العرش في القلب والذاكرة

حضور لا يستعرض الصفوف، بل يستعرض معنى الاستمرارية في دولة تصنع من الرمزية فعلًا يوميًا.مساء اليوم الذي سبقه، أنصتت الجهة، كما باقي جهات المملكة، لخطاب جلالة الملك؛ خطابٌ لم يكن احتفائيًا فقط، بل كان بمثابة خارطة يقظة، تذكّر بأن الرهان على المستقبل لا يُكسب بالاحتفاء، بل بالعدل، والكرامة، والتوزيع العادل للفرص بين الجهات.

مراكش لا تحتفل… بل تعلن التزامها

احتفال مراكش بذكرى العرش لم يكن تكرارًا لبروتوكول محفوظ، بل كان تعبيرًا رمزيًا عن التزام جماعي متجدد. فبعيدًا عن الأعلام والموسيقى الرسمية، انطلقت مبادرات ثقافية وتنموية في أكثر من نقطة بالجهة. في سيدي عبد الله غيات بالحوز، دُشّن مركز لتقوية قدرات النساء؛ وفي ابن جرير، عرضت شاشة عملاقة أفلامًا وطنية مفتوحة للعموم، لأن السينما، هنا، لم تكن ترفًا، بل وسيلة للمشاركة.

وفي قلب المدينة العتيقة، احتفلت الطائفة اليهودية المغربية، بطقوسها المغربية المتجذرة، بالعرش كجزء من وطنها الذي لم يغادرها. وهو مشهد يجمع السياسة بالتاريخ، ويجعل من التنوع المغربي وحدةً لا تنفصم.

العرش ليس لحظة… بل مسار حين يحتفي المغاربة بعيد العرش، لا يفعلون ذلك لأنه “واجب وطني”، بل لأنه مناسبة لاختبار ذاكرتهم ومسؤوليتهم.

في الذكرى 26، كما في سابقاتها، تتقاطع في مراكش لحظتان: لحظة تأمل في منجزات الدولة، ولحظة تفكير فيما ينبغي تصحيحه، خصوصًا في عالم سريع التحوّل، ومجتمع ينتظر العدالة في المدرسة والمستشفى والمحكمة.العرش، هنا، ليس احتفالًا ملكيًّا فقط، بل هو مرآة تعكس صورة الشعب في وجه الملك، وصورة الملك في ضمير الشعب.

Share this content:

إرسال التعليق