فريد شوراق ومعاذ الجامعي: واليان في وضعية “معلقة” يحضران حفل الولاء
بواسطة: عبد اللطيف سحنون
عودتنا الدولة على ضبط توازناتها في تدبير الشأن الترابي، وفق منطق معقد، صعب التنبؤ به، وهي تراقب ديناميات الثقة والتمثيلية والنجاعة في أداء المسؤولين الترابيين، تتخذ قرارات معلقة أحيانا، وتترك باب إعادة الإدماج مفتوحا، خصوصا كلما تعلق الأمر بأطر كفأة عصفت بها شكليات بروتوكولية لا ترقى للخطأ الجسيم.
في هذا السياق تبرز رمزية دعوة اسمين بارزين إلى حفل الولاء المقبل بتطوان كمؤشّر مثير للاستفهام والدلالة: معاذ الجامعي، الوالي السابق على جهة فاس-مكناس، وفريد شوراق، الوالي المعفى حديثًا من جهة مراكش-آسفي.
بحسب معطيات نشرتها مواقع وطنية، فإن الدعوة التي وُجّهت إلى هذين المسؤولين – رغم الإعفاء أو التوقيف – لحضور الاحتفال الملكي المرتقب بمناسبة ذكرى عيد العرش، ليست تفصيلًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تطرح أسئلة جوهرية حول المنطق الذي يحكم قرارات التعيين والإعفاء في المغرب، وحول مآلات الأطر السامية بعد خروجهم من “دار القرار”، فحتما عودة الرجلين لمقريْ عمليهما لا يمكن إلا أن تتثلج صدر المواطنين.
بين الإعفاء والعودة الرمزية
قبل أسابيع فقط، كانت وزارة الداخلية قد أقدمت على إعفاء فريد شوراق من مهامه، في قرار أثار الكثير من التكهنات، خاصة بعد انتشار فيديو مثير للجدل يظهر فيه الوالي وهو يذبح أضحية العيد باسم سكان الجهة، في مشهد لم يستسغه كثيرون واعتُبر تجاوزًا بروتوكوليًا.
اليوم، وبعكس المتوقع، يُستدعى الرجلان إلى حفل الولاء، إلى جانب قائمة من المدعوين تضم رجال الدولة وكبار المسؤولين. فهل هي رسالة رمزية لإعادة الاعتبار؟ أم مقدمة لإعادة إدماجهما في دوائر القرار؟ أم مجرد لحظة بروتوكولية تُراد لها أن تمر بهدوء؟
الدولة لا تعفي فقط… بل تراقب وتُمهل
في السياق المغربي، ليس الإعفاء بالضرورة سقوطًا نهائيًا. فغير ما مرة، عرفنا عودة مسؤولين أعفيوا من مواقعهم إلى مناصب ج بعد “فترة فارقة” من الغياب.
الدولة المغربية، في تدبيرها للموارد البشرية العليا، تُبقي الأبواب مواربة: لا تنفي ولا تبرّئ بشكل قطعي، بل تُبقي في الظل من تعتبرهم صالحين لمرحلة أخرى، وقد تُمهل لتجاوز ضغط الرأي العام أو إعادة ترتيب الأدوار.
لكن في حالة الجامعي وشوراق، تتجاوز المسألة البُعد الإداري لتلامس رمزية الدولة في علاقتها بممثليها في الجهات. فدعوتهم لحفل الولاء ليست فقط إشراكًا في طقس ملكي، بل منحًا جديدًا لمكانة الاعتراف الرسمي بعد الغياب.
أي دلالة لحضور حفل له رمزية وطنية؟
إذا كان حضور الواليين لحفل الولاء يُقرأ كنوع من “الصفح الرمزي” أو جسر لإعادتهم إلى المشهد، فإن غياب أي بلاغ رسمي يعيد تعيينهم في مواقع جديدة، يُبقي المشهد غامضًا ومفتوحًا على التأويلات.
هل نحن أمام محاولة لامتصاص الاحتقان المبالغ فيه أو استعادة الكفاءات التي قد تقع في سوء فهم بض تفاصيل رمزية السلطة ؟ أم أن الأمر بروتوكولي محض ولا يتجاوز حدود الدعوة الشكلية؟
في كلتا الحالتين، يبدو أن الدولة تشتغل بمنطق المراحل لا القطائع، وبأن كل من مرّ من دهاليز السلطة، يظل في دائرة الرصد والتقييم، إلى أن يحين زمن العودة… أو الإقصاء النهائي.
دعوة الجامعي وشوراق إلى تطوان ليست مجرد “مجاملة عيد”، فالدولة حين تغضب لا تجامل، ولكنها تأخذ الوقت لتقييم الوضع والأثر، ويبدو أن حضور حفل الولاء، سيكون بالصفة الولائية… فلا يحضر هذا الحدث المهم إلا ” المرضي عليه”… وكثير من المساخيط لن يجدوا موقع قدم له في الحفل…
أنه علامة سياسية مُحمّلة بالدلالات.. وامتحان للدولة كما هي امتحان لهما أيضًا: من يخرج من الباب… قد لا يعود من النافذة، لكنه يظل حاضرًا في ذاكرة السلطة، بانتظار مصالحة أو مهمة أخرى، قد لا تتأخر كثيرًا… خصوصا مع رجالات استثنائيين، عمليين، مبدعين… وطنيين، شرفاء…. لكن قد يقعان في فخ فك سمياء الدولة، وحدود المبادرة…
نتمنى أن تطوى صفحة سوء الفهم هذا… فشوراق مثلا…. والٍ بمواصفات تدبيرية تواصلية عالية… وقد أحبهم المراكشيون…
Share this content:
إرسال التعليق