الفحم… “دفء قاتل” يهدد الأسر المغربية في صمت خلال فصل الشتاء
كريمة دهناني
مع بداية موجات البرد التي تجتاح عدداً من مناطق المملكة، تتزايد حالات الاختناق الناتجة عن استعمال الفحم داخل المنازل، في مشهد مأساوي يتكرر كل شتاء رغم التحذيرات المتكررة من الجهات الصحية والوقاية المدنية.
ورغم أن الفحم يُستخدم بحثاً عن الدفء، إلا أنه يتحول في كثير من الأحيان إلى مصدر خطر يهدد حياة الأسر بأكملها.غاز قاتل بلا لون ولا رائحةيؤكد مختصون أن الخطر الأكبر يكمن في انبعاث غاز أحادي أكسيد الكربون أثناء احتراق الفحم. هذا الغاز عديم اللون والرائحة، ما يجعله يتسلل إلى الرئتين دون أن يشعر به الإنسان.
وفي حالة تراكمه داخل غرفة مغلقة، يعيق نقل الأكسجين داخل الدم، فيتسبب في دوخة، فقدان وعي، شلل في التنفس، ثم وفاة مفاجئة.ويصف الأطباء هذا الغاز بـ “القاتل الصامت”، لأنه يحصد الأرواح دون سابق إنذار، وغالباً أثناء نوم الضحايا.
ارتفاع مأساوي للحوادث في الأيام الباردة،تسجل مصالح المستشفيات والوقاية المدنية سنوياً عشرات الحالات من الاختناق بسبب استعمال الفحم، غالباً داخل غرف النوم، أو في منازل تفتقر للتهوية. وتصل المأساة ذروتها خلال الليالي الباردة حين تُغلق النوافذ بإحكام ويُترك “الكانون” مشتعلاً داخل الغرفة.وفي عدد من الحالات، يتم العثور على الضحايا بعد ساعات طويلة، وقد فارقوا الحياة جماعياً، في مشاهد مؤلمة تهز الرأي العام كل فصل شتاء.
عادات تقليدية تتحول إلى خطرورغم توفر وسائل تدفئة أكثر أماناً، لا تزال العديد من الأسر، خصوصاً في الوسط القروي أو لدى الفئات محدودة الدخل، تلجأ إلى الفحم باعتباره الأرخص. لكن غياب الوعي بخطورة الغاز السام يجعل هذا الحل الاقتصادي مكلفاً على مستوى الأرواح.كما أن بعض الأسر تستعمل الفحم داخل الحمامات أو الغرف المغلقة، أو تترك الجمر مشتعلاً حتى أثناء النوم، وهو ما يزيد من احتمال وقوع حوادث مأساوية.
إرشادات وقائية ضرورية:
تحذر السلطات المختصة المواطنين من استعمال الفحم داخل الأماكن المغلقة، وتدعو إلى الالتزام بالتوصيات التالية:عدم إشعال الفحم داخل غرف النوم أو الحمامات بشكل قطعي.تهوية مستمرة للمكان أثناء الاحتراق وبعده.عدم النوم والفحم ما يزال مشتعلاً.
التخلص من الرماد خارج المنزل بعد التأكد من إطفائه بالكامل.
التوجه بسرعة للمستشفى عند ظهور أعراض الاختناق مثل صداع حاد، دوار، غثيان، ضعف في الحركة.
مسؤولية مشتركة لحماية الأرواح :
تبقى الوقاية هي الحل الوحيد أمام هذا الخطر الصامت. فوعي الأسر، وإشراف السلطات على حملات تحسيسية، وتوفير بدائل آمنة للتدفئة، كلها عوامل يمكن أن تقي المجتمع من مآسٍ تتكرر كل عام.إن استعمال الفحم داخل المنازل ليس مجرد خطأ بسيط، بل سلوك قد يدفع ثمنه أحياناً حياة كاملة… لذلك يبقى الحرص والاحتياط واجبين لحماية النفس والأسرة.
Share this content:



إرسال التعليق