“إقليم إفران” الداخلية تنقذ أطفال المغرب من مخيمات من “الجيل المنتهية الصلاحية”

“إقليم إفران” الداخلية تنقذ أطفال المغرب من مخيمات من “الجيل المنتهية الصلاحية”

بواسطة عبد اللطيف سحنون

في خطوة استباقية تعكس وعيًا إداريًا ومسؤولية ميدانية، أقدمت السلطات الإقليمية بمدينة إفران على إغلاق مخيمي بن صميم وخرزوزة، بعد أن كشفت المعاينات الميدانية افتقارهما لأبسط شروط السلامة والتخييم.

المخيمان اللذان يقعان في مرتفعات الأطلس، كانا ضمن البرنامج الوطني للتخييم لصيف 2025، رغم التحذيرات السابقة من هشاشة بنيتهما التحتية وتدهور تجهيزاتهما. مصادر محلية أكدت أن القرار لم يكن مفاجئًا، بل جاء بعد تقارير تقنية ومعاينات ميدانية أظهرت أن الفضاءين لا يفيان بالحد الأدنى من المعايير الأساسية التي تضمن كرامة الأطفال وسلامتهم خلال فترة التخييم.

وفي هذا الصدد، سبق للمدير الجهوي لقطاع الشباب بجهة فاس-مكناس حسب مصادر إعلامية، أن عن رفضه المسبق لإدراج المخيمين في العرض الوطني، محذرًا من تداعيات استقبال الأطفال في ظروف وصفها بـ”غير الآمنة”، ومسجّلًا تحفظه المبرّر على جاهزية الفضاءين منذ بداية الموسم.

القرار، وإن جاء متأخرًا، خلّف ارتياحًا نسبيًا في أوساط الفاعلين التربويين، الذين نوهوا بتحرك السلطات الإقليمية وتدخلها في الوقت المناسب، معتبرين أن “رجال لفتيت أنقذوا الطفولة المغربية من مخيمات غيوتوهات”، في إشارة إلى ما بات يوصف بـ”التدبير الصوري” الذي يُلحق الأذى بالأطفال بدل حمايتهم.

لكن في المقابل، وبدل البحث عن بدائل نوعية تستجيب لروح المخيم التربوي، قررت مصالح وزارة الشباب تعويض المخيمين المغلقين بمؤسسات تعليمية عمومية حضرية. قرار وصفه متتبعون للشأن التربوي بـ”المرتبك والمتسرع”، واعتبروه انعكاسًا صارخًا لـضيق الأفق وغياب الفهم العميق لخصوصية المخيم كتجربة تربوية قائمة على الطبيعة والانفتاح الجماعي.

فالمخيم ليس مجرد مكان للمبيت، بل هو فعل تربوي متكامل، يُمارس خارج جدران الحجرات الدراسية، ويبني شخصية الطفل عبر اللعب الحر، التخييل، والتفاعل الإنساني في الفضاءات المفتوحة.

الاستعاضة عن المخيمات بفضاءات مدرسية “جافة” يحوّل العطلة التربوية إلى ملحق صيفي تعليمي فاقد للجوهر، ويخنق روح الطفولة تحت سقف مؤسسي لا يراعي خصوصية المخيم. وكما علّق أحد المنشطين المخضرمين: “ما أضيق الرؤية حين تضيق عن الطفولة، وما أوسع الخسارة حين نُفرغ المخيم من معناه!”وقد عبّرت بعض الجمعيات المشاركة في البرنامج الوطني للتخييم عن امتعاضها من الحل الترقيعي، مشيرة إلى أن قرار التعويض يعكس غياب سياسة وقائية في تدبير العرض التخييمي، وعدم اعتماد آليات مراقبة استباقية تضمن جودة الفضاءات قبل الترخيص.

واعتبر فاعلون في الحقل الجمعوي أن الوزارة بدل أن تستثمر في تأهيل البنية التحتية كما روجت وتوسيع العرض التخييمي، اختارت مجددًا الحل الأسهل على حساب الطفولة، مما يُكرّس ما يسمونه بـ”تخييم الطوارئ” و”مخيمات الجيل المنتهي الصلاحية”.

في ظل هذا الواقع، يُطرح سؤال جوهري حول مسؤولية الوزارة الوصية في انتقاء الفضاءات التخييمية، وضمان معايير الكرامة والسلامة، بدل التمويه التنظيمي والمعالجة بعد وقوع الأزمات. كما يفتح هذا الحدث الباب لمساءلة أعمق حول مدى احترام فلسفة التخييم في السياسات العمومية، وضرورة الانتقال من منطق التصريف إلى منطق الجودة، ومن التدبير المركزي المغلق إلى المقاربة التشاركية الحقيقية المتعددة الأطراف مع الفاعلين الميدانيين.

Share this content:

إرسال التعليق