صراعات خفية بين رؤساء الجماعات ورؤساء الجمعيات… حين تتحول التنمية القروية إلى رهينة للصراع على الكرسي

كريمة دهناني

تشهد عدد من الجماعات، خاصة القروية منها، توتراً متكرراً في العلاقة بين رؤساء الجماعات الترابية ورؤساء الجمعيات المحلية، وهي توترات تنعكس بشكل مباشر على مسار التنمية وعلى مصالح الساكنة. هذه الصراعات، التي كثيراً ما تُدار في الكواليس، تكشف خللاً عميقاً في فهم الأدوار الدستورية لكل طرف، وتحول النقاش العمومي من خدمة المواطن إلى معركة نفوذ وحسابات انتخابية ضيقة.خوف من فقدان الكرسي… وتوجّس من بروز خصوم جدد في العديد من الحالات، ينظر بعض رؤساء الجماعات إلى الجمعيات النشيطة باعتبارها “مصدر إزعاج” أو “منافساً محتملاً” في الاستحقاقات المقبلة، خصوصاً عندما يقودها شباب أو فاعلون يحظون بثقة الساكنة. وبدل تشجيع العمل التشاركي ودعم المبادرات المواطنة، يلجأ بعض المنتخبين إلى التضييق أو محاربة هذه الجمعيات، خوفاً من تقوية أسماء قد تنافسهم على رئاسة الجماعة.هذه الذهنية تجعل القرار التنموي رهيناً بمنطق الولاء السياسي، لا بمنطق المصلحة العامة، وتُفرغ آليات الديمقراطية التشاركية من مضمونها الحقيقي.مفارقة واضحة: دعم جمعيات غير نشيطة ومحاربة الجمعيات الفاعلةمن المفارقات التي يشير إليها عدد من المتابعين أن بعض رؤساء الجماعات يمنحون الدعم المالي أو اللوجيستيكي لجمعيات لا تقدم أي خدمة فعلية للمواطنين، فقط لأنها محسوبة عليهم أو تساندهم سياسياً. وفي المقابل، يتم تهميش جمعيات أخرى تعمل على تنظيم أنشطة تربوية وثقافية واجتماعية، لأنها “لا تدخل في الخط” أو لأنها مستقلة في مواقفها.هذا الوضع يخلق خللاً كبيراً في توزيع الدعم العمومي، ويضرب مبدأ المساواة والشفافية في الصميم، ويحوّل الجمعيات إلى أدوات انتخابية بدل أن تكون شريكاً في خدمة التنمية المحلية.غياب المصلحة العامة… وحضور هاجس البقاء في المنصبما يظهر بوضوح في مثل هذه الصراعات هو أن بعض رؤساء الجماعات لا يضعون مصلحة المواطنين على رأس أولوياتهم، بل يعطيون الأولوية المطلقة لحساباتهم الشخصية ولهاجس الحفاظ على كرسي الرئاسة. وهكذا تصبح المشاريع، والدعم، والشراكات، وحتى الأنشطة الثقافية والرياضية، وسائل ضغط وتدبير انتخابي بدل أن تكون أدوات لخدمة الساكنة.