كعكعة مقابر جماعة مراكش: اقتصاد الموت في قبضة الريع

كعكعة مقابر جماعة مراكش: اقتصاد الموت في قبضة الريع

كريمة دهناني: مراكش

يبدو أن الفساد لا يترك شاردة ولا واردة إلا وابتلعها، من الطرقات إلى الصفقات، ومن رخص الاستغلال إلى الريع بكل أشكاله، حتى وصل الأمر إلى اقتصاد الموت.

فلا غرابة إن وجدنا يوماً قضاة المجلس الأعلى للحسابات، بقيادة زينب العدوي، يحطون الرحال في مقابر جماعة مراكش، لافتحاص فواتير الموتى، والتدقيق في الصفقات التي يقتات منها بعض الانتهازيين على حساب من لا صوت لهم، وفي ” قبور” تجزئات الموتى… فلكل حظه وفق جيبه سخائه… لكن ياريت… كانت الشفافية التي تغني خزينة الجماعة لا ” جْماعهْ”.

في جماعة مراكش، لا يدفن الموتى فقط، بل تدفن معهم أموال طائلة تُحصَّل دون وصولات رسمية، وبمبالغ تتراوح بين 600 و2000 درهم للقبر الواحد، والرقم قابل للارتفاع حسب رمزية الفقيد، وظروف الموت، فمن المسؤول عن هذه العائدات؟

وهل تدخل ضمن ميزانية المجلس الجماعي، أم أنها تتسلل إلى جيوب لا يعرفها إلا الراسخون في فن “التدبير الموازي”؟

الغريب في الأمر أن تدبير المقابر يبدو وكأنه “صفقة عمومية” لكنها تمر في الكواليس، حيث يتم “تعيين” مسؤولين عن المقابر وكأنهم موظفون في وزارة الموتى، بطرق لا يعلمها إلا أهل الحل والعقد في المجلس الجماعي.فهل هناك شفافية في التعييبن خارج سرية القبعة السرية، وهل تعيين “مدير مقبرة”، وأعوانه خارج مساطر المناصب الجماعية، ولا يحتاج إلى شفافية التباري الداخلي والإنصاف في التوظيف والتعيين، أم أنها تدبر بالتفويض اللعين على الاقتصاد الجماعي، فكل مفوض مشبوه إلا أن تبرئه زينب العدوي..؟

ربما التعيين بالتليين بـ”المباركة” و”الرعاية” التي لا يعلمها إلا أهل النفوذ؟ أو ربما سنحتاج إلى قاض من مؤسسة العدوي لتعرية فساد اقتصاد الموت، وتجار القبور… اقتصاد القبور بجماعة مراكش أصبح مجالاً مغرياً، ولا عجب أن نرى “منعشين عقاريين” جدد يتاجرون حتى في مواقع القبور، ويقدمون خدمات “الدرجة الأولى” لمن يدفع أكثر، فيما يتحول الفقراء إلى مجرد أرقام تُدفن بلا وصل.

لكل شيء ثمن، حتى القبور المنفية… والموت واحد… كلنا نتحلل ونتعفن بنفس الطريقة، لكن هل من أثار إدارية لهذا الاقتصاد الموازي…؟ إن كعكعة المقابر بجماعة مراكش لا تقل دسامة عن باقي كعكعات القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وربما حان الوقت لفتح هذا الملف، ليس فقط من باب النقد الصحفي، ولكن من أجل وضع حد لهذا “الريع القاتل” الذي يبدو أنه يستمر حتى بعد الموت…

ارحمونا رجاء امواتا…. بعدما قهرتمونا أحياء…

مراكش تحتاج لديمقراطية الموت، كما تحتاج لحكامة وشفافية تدبير اقتصاد المقابر.

Share this content:

إرسال التعليق