ملاك تعود إلى أحضان والدتها… حين ينتصر القضاء للإنسانية والقانون معا

متابعة عبد اللطيف سحنون: مراكش
في مشهد إنساني مؤثر، غادرت الطفلة ملاك مركز حماية الطفولة، متشبثة بيد والدتها، التي تم تمتيعها بالسراح بعد فترة من الفراق القسري الذي فرضته ظروف القضية التي شغلت الرأي العام المغربي.
كان اللقاء بينهما أشبه بولادة جديدة، حيث امتزجت الدموع بالفرح، واستعادت القلوب نبضها بعد محنة ثقيلة الظلال..
قضية ملاك، التي كانت وراء إحالتها على مركز لحماية الطفولة، أثارت جدلًا واسعًا بين من اعتبروها ضرورة قانونية وبين من رأوا فيها مساسًا بحقوق الطفولة التي كفلتها القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، وخصوصا أنها مصابة بمرض مناعي مزمن، يتطلب بيئة نفسية وصحية واجتماعية خاصة .
الطفلة، التي بالكاد تبلغ 15 من عمرها، وجدت نفسها خلف أسوار مركز حماية الطفولة، بعيدًا عن حضن أمها، في تجربة تفوق قدرتها على الفهم والاستيعاب، وإن بررتها النيابة العامة أنها في مصلحتها، لكن متابعة الأم في حالة سراح اليوم، يفسر رؤية النيابة العامة في الحاجة إلى وصي من الدرجة الأولى، واعتقال الوالدين فرض وصاية اجتماعية مؤسساتية مؤقتة.
يُعتبر قرار الإفراج عن والدة ملاك خطوة مهمة للقضاء المغربي، حيث يُظهر التفاعل الإيجابي مع الأصوات الحقوقية والإنسانية التي طالبت بإيجاد حل إنساني لهذه القضية.
يُبرز هذا القرار دور القضاء في الإنصات لنبض المجتمع، وتعزيز روح العدالة والرحمة في تطبيق القانون. فالقانون، في جوهره، ليس فقط نصوصًا جامدة، بل روحٌ تنبض بالعدالة والرحمة معًا.ما حدث مع ملاك يطرح أسئلة عميقة حول كيفية التعامل مع القُصّر في القضايا ذات الطابع الخاص.
فمكان الأطفال الحقيقي هو المدارس والملاعب وأحضان العائلات، لا ردهات المحاكم أو مراكز الإيواء.اليوم، وبينما تعود ملاك إلى بيتها، يظل التحدي الأكبر هو ضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات، والعمل على إيجاد بدائل قانونية تحفظ للطفل حقوقه وللمجتمع أمنه وتوازنه.
وسط عناق دافئ، خرجت ملاك من أسوار المركز، وكأنها تستعيد طفولتها التي كادت تُسرق منها. مشهد يذكرنا جميعًا بأن العدالة الحقيقية لا تكتمل إلا حين يكون الإنسان في قلب معادلتها، وحين يُنظر إلى القانون كوسيلة لحماية الأرواح لا لمعاقبتها.
اليوم، عادت ملاك، وعاد معها الأمل بأن يكون الغد أكثر إنصافًا ورحمة، شاكرةً للقضاء على دوره في إعادة توحيد الأسرة وإعادة الأمل إلى قلوبها
.
Share this content:
إرسال التعليق