حقنة واحدة ستة عشرة مصيرا في الظلام!
عبد اللطيف سحنون
لن يروا مدينة الدار البيضاء كما كانوا يرونها قبل، هؤلاء الضحايا، كانت حقنة واحدة كافية للزج بهم في الظلام ، عيونهم تحدق في مبنى المحكمة، ليست كأي عيون، بل عيون فقدت بريقها إلى الأبد.
خلف تلك النظرات المنكسرة، تختبئ أرواح أنهكها الألم، ضحايا “حقنة 20 غشت”، الذين لم يعودوا كما كانوا، ولم تعد حياتهم كما كانت.
قبل أكثر من عام، دخلوا مستشفى “20 غشت” بحثًا عن علاج، ولم يعلموا أنهم سيخرجون منه محملين بمأساة لا تمحوها الأيام.
حقنة واحدة كانت كافية لتغيير مصائرهم، لتحول النور إلى عتمة، والحياة إلى كابوس لا نهاية له. ستة عشر مريضًا، ستة عشر حلمًا تحطم، وستة عشر أسرة وجدت نفسها في مواجهة الفقدان، ليس لمريض، بل لشخص كان حاضرًا بين أحبته، يعمل، يحلم، يرى.
في ذلك اليوم المشؤوم، لم يكن أحد منهم يتوقع أن تكون هذه الحقنة الأخيرة التي ستراها أعينهم. لم تكن مجرد إبرة في الوريد، بل كانت فاصلة بين حياتين:
حياة قبلها وحياة بعدها، أو بالأحرى، ما تبقى من حياة. فقدان البصر لم يكن مجرد عرض جانبي، بل كان حكمًا بالسجن داخل أجسادهم، وهم يتلمسون طريقهم في ظلام لم يختاروه.
اليوم، يقفون أمام محكمة الاستئناف، ليس فقط للمطالبة بالعدالة، بل للصراخ، ليُسمع صوتهم الذي كاد يختفي وسط الإجراءات البيروقراطية الباردة.
سنوات مرت، والجاني لا يزال بلا اسم، والمحاسبة مجرد سراب.
إدارة المستشفى تصف ما حدث بأنه “حادثة معزولة”، لكن بالنسبة لمن فقد بصره، هو حكم بالإعدام البطيء، حيث لا شمس تشرق، ولا وجوه تُرى، ولا طريق يُسلك دون خوف.
أمام المحكمة، تتعالى أصوات الضحايا وأسرهم، يطالبون بكشف الحقيقة، بمحاسبة من تسبب في هذه الكارثة، بتعويض من فقدوا حياتهم كما عرفوها.
ولكن هل يكفي التعويض؟ هل هناك ثمن يُعوض شخصًا عن فقدان نوره؟هذه المأساة ليست مجرد خبر يُكتب في الصحف، بل هي قصة معاناة حية، قصة أشخاص كانوا بيننا، ورأوا العالم كما نراه، قبل أن تخطف منهم إبرة واحدة كل شيء.
هم اليوم لا يطلبون المستحيل، فقط يريدون أن يعلموا: لماذا حدث هذا؟ ومن المسؤول عن تحويل حياتهم إلى ظلام؟ “عن مصادر إعلامية”
Share this content:
إرسال التعليق