الأحزاب السياسية المغربية بين فقدان المصداقية وتحدي استعادة ثقة جيل “ز”
بقلم كريمةدهناني
بعد سلسلة من فضائح الفساد وتضارب المصالح التي طالت عدداً من ممثلي الأحزاب المغربية، بات المشهد الحزبي يعيش واحدة من أكثر فتراته حرجاً. فقد كشفت تقارير إعلامية ومؤسسات رقابية عن تجاوزات مالية وإدارية، ما عمّق شعور فئة واسعة من المواطنين، خصوصاً الشباب، بانفصال الأحزاب عن همومهم اليومية وتراجع دورها كوسيط حقيقي بين المواطن والدولة.
جيل “ز”: احتجاجات رقمية وصوت جديد
الاحتجاجات الأخيرة التي قادها شباب جيل “ز”، سواء في الشارع أو على منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت بوضوح أن الجيل الجديد لم يعد يتفاعل بالطرق التقليدية التي كانت الأحزاب تراهن عليها. فهؤلاء الشباب، الذين تربّوا في زمن الشفافية الرقمية والسرعة الإعلامية، يطالبون بخطاب صادق، وبرامج ملموسة، ووجوه جديدة تملك القدرة على التغيير، لا مجرد شعارات انتخابية تتكرر مع كل استحقاق.
الأحزاب بين العزلة وإعادة الترميم
اليوم، تواجه الأحزاب المغربية سؤالاً وجودياً: هل ما تزال قادرة على لعب دورها كقناة للتعبير والمشاركة السياسية؟
العديد من اللقاءات الحزبية التي تُنظم في المدن والقرى باتت تعرف حضوراً ضعيفاً، خصوصاً من فئة الشباب. فغياب الثقة وانعدام المصداقية جعلا الإقناع السياسي مهمة شبه مستحيلة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض التنظيمات الحزبية بدأت مراجعة خطابها، محاوِلة الانفتاح على جيل “ز” عبر تبني لغتهم الرقمية، وإطلاق مبادرات تواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومشاريع صغيرة لاحتضان طاقاتهم في مجالات البيئة، الريادة، والتطوع المدني.
الطريق نحو استعادة الثقة
يرى عدد من المحللين أن استعادة الثقة لن تتحقق إلا عبر إصلاح داخلي جذري داخل الأحزاب، يشمل تجديد النخب، وفرض الشفافية في التمويل والتدبير، وخلق قنوات حقيقية للحوار مع الشباب. كما أن الدولة مطالبة بدعم المبادرات السياسية الجادة، بدل الاكتفاء بالإشراف على مشهد انتخابي متكرر يفتقد للمصداقية في نظر الأجيال الجديدة.
خلاصة
بين الماضي المثقل بالفضائح والمستقبل الذي يطالب بالصدق والكفاءة، تقف الأحزاب المغربية اليوم أمام لحظة مفصلية. فإما أن تعيد بناء جسور الثقة مع جيل “ز”، أو تواصل انحدارها نحو مزيد من العزلة السياسية والاجتماعية
Share this content:



إرسال التعليق