انتهاء زمن الديناصورات السياسية وبداية زمن المحاسبة
بقلم كريمة دهناني
يشهد المغرب اليوم مرحلة فارقة في تاريخه السياسي والإداري، عنوانها الواضح هو القطيعة مع الماضي، وبداية زمن جديد قوامه المحاسبة، الشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. بعد سنوات من تراكمات بيروقراطية ووجوه سياسية ظلت متمسكة بالكراسي دون إنتاج حقيقي، يعلن الواقع الجديد عن نهاية زمن الديناصورات السياسية التي عرقلت مسار الإصلاح وأضعفت ثقة المواطن في المؤسسات.
التحول الجاري اليوم ليس مجرد شعارات تُرفع، بل إرادة فعلية على أعلى المستويات لضخ دماء جديدة في الحياة العامة، وإعادة بناء العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الثقة والمصداقية. فالمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يدخل مرحلة جديدة من الإصلاح العميق، حيث خرجت كل مؤسسات الدولة لمحاربة الفساد بجميع أشكاله، من التسيير الإداري إلى التدبير المالي، ومن الصفقات العمومية إلى التعيينات في المناصب العليا.
الرسالة أصبحت واضحة: لا أحد فوق القانون، ولا مكان بعد اليوم لمن يعتبر المنصب امتيازًا شخصيًا أو وسيلة للإثراء غير المشروع. فقد حان الوقت لأن يتحمل كل مسؤول تبعات قراراته، وأن تعود الكلمة العليا للكفاءة والنزاهة والضمير الوطني.
ويُجمع مراقبون على أن استرجاع الثقة بين المواطن والدولة هو الشرط الأساسي لأي نهضة حقيقية. فالمغاربة، خاصة الشباب، يتطلعون إلى وطن تسوده العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، بعيدًا عن الولاءات السياسية الضيقة أو المصالح الشخصية. ولهذا، فإن حملة الإصلاح الحالية لا تستهدف الأشخاص بقدر ما تستهدف العقليات التي كرست الفساد والجمود لعقود.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الدولة المغربية ماضية بثبات في مسار إعادة هيكلة الحياة السياسية والإدارية، وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة. فالمسؤول الذي لا يؤدي واجبه بكفاءة واستقامة، لن يجد له مكانًا في مغرب اليوم، مغرب الكفاءات والمحاسبة والشفافية.
إنها بداية زمن جديد، زمن الدولة القوية العادلة، التي تستمد شرعيتها من خدمة المواطن، وتحاسب كل من يقصّر في أداء الأمانة. فالمغرب اليوم لا يحتمل التردد أو المجاملة، بل يحتاج إلى رجال ونساء يؤمنون بالوطن قبل الكرسي، وبالمسؤولية قبل الامتيازات.
Share this content:



إرسال التعليق